قد تميز الأردن عربياً في إنشاء المؤسسات العلمية، وشهد قيام الجامعات والمعاهد قبل نصف قرن من الزمان تقريباً وعلى أسس علمية متقدمة بالرغم من ندرة الموارد والأعباء القومية، والإمكانات المتواضعة، ونجح المخططون التربويون في وضع مرتكزات أساسية للتعليم العالي من خلال تقرير لجنة سياسة التعليم في الأردن الذي صدر عام 1986 والذي تضمن أن السياسة التربوية في المملكة تقوم على عدد من المرتكزات والمبادئ المستمدة من تراثنا الإسلامي والقومي ومن أهداف الثورة العربية الكبرى ودستور البلاد والتجربة الوطنية بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
والتعليم العالي في الأردن ليس فريداً في نوعه ومشكلاته وقضاياه، فهو يشبه أي مرحلة من مراحل التعليم وقطاعاته (التعليم الأساسي، التعليم الثانوي، التعليم المهني) فهو يشهد في كل يوم وفي كل خطوة يتقدم فيها إلى الأمام مشكلات من نوع جديد، ومع أن ذلك يعني ضمناً تبايناً في الطروحات تبعاً للتفاوت في درجة التقدم، وتبعاً للاختلاف في الشروط الخاصة المحيطة بكل تقدم ومعناه، فهو لا ينفي التشارك في عدد من القضايا عبر العالم، المؤتمرات والندوات, واللقاءات الدولية وتبادل الآراء والمؤلفات، ويبرر عمل المنظمات الدولية والروابط والاتحادات المهنية بهذا العمل وفي الأردن لم تكن الدراسة بعد المرحلة الثانوية متوافرة حتى عام 1951 كان الطلبة من خريجي المرحلة الثانوية يتوجهون للدراسة خارج البلاد، وقد بلغ عدد الطلبة الأردنيين الذين كانوا يدرسون في جامعات عربية خارج الأردن عام 1948 (223) طالباً.
لقد بدأت الخطوة الأولى في إنشاء مؤسسات تعليم عالي في الأردن في أعقاب وحدة الضفتين عام 1951 وذلك بافتتاح صف لتأهيل المعلمين في كلية الحسين في عمان، ثم أنشأت وزارة التربية والتعليم داراً للمعلمات في مدينة رام الله في الضفة الغربية في العام نفسه، وبلغ عدد معاهد المعلمين والمعلمات التي تم تأسيسها لغاية عام 1962 عند إنشاء أول جامعة في الأردن (الجامعة الأردنية) ما مجموعه (11) معهداً منها ثلاثة معاهد للإناث وثمانية معاهد للذكور.
وفي عام 1980 تم تحويل معاهد المعلمين والمعلمات إلى كليات مجتمع، وأصبحت مهمتها إعداد فئة الفنيين اللازمين لقطاعات العمل المختلفة من خلال برامج دراسية لمدة سنتين بعد شهادة الدراسة الثانوية العامة، لإعداد الفنيين في مجالات المهن التعليمية والهندسية والتجارية والطبية المساعدة والزراعية والاجتماعية إضافة إلى برامج التعليم المستمر لتلبية متطلبات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية من الكوادر الفنية المدربة، وتطورت كليات المجتمع من حيث العدد بصورة سريعة حتى وصل عددها (52) كلية لعام 1985 موزعة على مختلف أنحاء المملكة ثم تناقصت بعد إنشاء الجامعات الأهلية.
ونظراً لحرص القيادة الهاشمية وإيمانا منها بضرورة توفير فرص التعليم الجامعي للأردنيين فقد تم تأسيس الجامعة الأردنية في عمان عام 1962، تلاها تأسيس جامعة اليرموك عام 1976، ثم تبعها تأسيس جامعة مؤتة عام 1981، ثم جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية عام 1986، ثم جامعة آل البيت عام 1994، ثم الجامعة الهاشمية عام 1995، ثم جامعة البلقاء التطبيقية عام 1997 التي تولت مسؤولية إعادة تنظيم كليات المجتمع وتفعيل برامجها إضافة إلى كونها جامعة رسمية تمنح درجة البكالوريوس مثل شقيقاتها الجامعات الرسمية.
إضافة إلى ذلك فقد تم تأسيس كليات جامعية ذات الأربع سنوات (كلية عمان الجامعية للهندسة التكنولوجية 1989، كلية الدعوة وأصول الدين 1990), وفي عام 1999 تم تأسيس جامعة الحسين بن طلال في مدينة معان في الجنوب وقد تميز الأردن عن غيره من معظم دول العالم بالسماح للقطاع الخاص بتأسيس كليات مجتمع أهلية تملكها وتديرها شركات خاصة وتهدف إلى تحقيق الربح حيث تأسست أول كلية مجتمع خاصة عام 1967، وتوالت بعد ذلك وتيرة إنشاء الكليات الخاصة لتبلغ (22) كلية عام 1990.
ويعد عام 1990 محطة مهمة من محطات تطور التعليم الجامعي في الأردن إذ منح فيه أول ترخيص لإنشاء جامعة أهلية (جامعة عمان الأهلية) التي باشرت عملها في العام الجامعي 90/91، وتوالى بعد ذلك تأسيس الجامعات الأهلية ليصل عددها (12) جامعة يدرس فيها حوالي (31000) طالباً وطالبة للعام 96/97، كما منحت تراخيص مبدئية حديثاً (نوفمبر 1997) لإنشاء سبع جامعات أهلية أخرى غير ربحية.